تُرك وحيداً… وفاة شاب سوري في رحلته إلى حياة جديدة

عندما تقود رحلة البحث عن حياة جديدة إلى موت في ظروف قاسية. توفي شاب سوري خلال محاولته الوصول إلى أوروبا براً من تركيا إلى اليونان، وبعد اختفائه لما يقارب الأسبوعين، وُجدت جثته وسط غابات اليونان.

في رحلته للوصول إلى حياة جديدة، كان الموت بانتظاره على الطرقات الوعرة في البرد القارص. فبعد أن فقد الأمل في أن يحظى بحياة طبيعية وعمل مناسب في بلده، غادر الشاب الثلاثيني “توفيق زريق” بلاده في محاولة للوصول إلى أوروبا هرباً من الأوضاع المأساوية التي ما زالت تعاني منها سوريا من تداعيات الحرب وأزمات سياسية واقتصادية متعددة، غير أن مخاطر الرحلة وطريقها لم ترأف بحب الحياة الذي كان ينبض في قلب هذا الشاب.

فخلال طريق الهجرة الذي سلكه، وبسبب البرد الشديد ووضعه الصحي السيء وحركته البطيئة قرر أفراد مجموعته تركه في الطريق في إحدى الغابات وحيداً ليواجه مصيره بنفسه وقاموا بإخبار خفر الحدود اليونانية ليتم إنقاذه عن طريقهم بعد مرور عدة أيام حيث عثر عليه جثة هامدة.

بحسب أقارب الشاب المتوفي، غادر توفيق الأراضي التركية مع مجموعة من المهاجرين من جنسيات مختلفة بتاريخ 7 كانون الأول/ ديسمبر 2020، وانقطعت أخباره تماماً لحوالي 14  يوماً بعد دخوله الأراضي اليونانية، خلال ذلك الوقت وصلت أخبار متضاربة غير مؤكدة حول أماكن تواجده، كان منها أنه يقبع في الحجر بسبب شكوك بإصابته بفيروس كورونا، وأخبار أخرى أفادت أن الشرطة اليونانية قد ألقت القبض عليه في منطقة قريبة من “سالونيك”، وحكم لمدة شهر، إلا أن معظم من تم إلقاء القبض عليهم من مجموعات المهاجرين قد أعيدوا إلى تركيا ولم يظهر له أثر. فقام أصدقاؤه ومعارفه بنشر وتداول نداء استغاثة وطلب المساعدة من المنظمات وكل من يعرف الشاب على وسائل التواصل الاجتماعي مع خريطة تبين الموقع الذي تفرقوا عنده في محاولة للعثور عليه ولكن دون جدوى.  إلى أن وصل خبر وفاته الموجع، حينما عثرت الشرطة اليونانية على جثة شاب لاجئ في إحدى الغابات بمنطقة “سالونيك”، شمال اليونان في طريق عبوره إلى أوروبا بعد أيام من اختفائه، فأرسلت صورة الشاب إلى أهله وتم التأكد من أنه الشاب المفقود نفسه توفيق زريق.

ظروف قاسية

وقال أحد أقارب الشاب المتوفى في حديثه لمهاجر نيوز إن الشاب “توفيق زريق” من مواليد السلمية 11/3/1987 درس الثانوية الصناعية عام 2006. توفي والده بعد أن ولد بشهرين وتوفيت والدته بعد ذلك بسنوات. وأضاف أن توفيق كان يخدم ضمن صفوف قوات النظام حيث أصيب في أحد المعارك خلال الحرب إصابات بالغة، وتم تسريحه لاحقاً. وكان قد اضطر للخضوع لعمليات جراحية خطيرة نتيجة لتلك الإصابات الشديدة ومتابعة العلاج. وقد جاء قرار الشاب بالهجرة قبل أن يتحسن وضعه الصحي تماماً، فما كان لجسده المتعب المُثقل بآلام سنوات طويلة من الحرب وخيبات الأمل في بلد تلازمه الأزمات، القدرة لتحمل المزيد من قساوة الحياة.